مقدمة
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله خالق العنكبوت وجاعله آية من آيات إعجازه،والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أما بعد:
فلقد خلق الله الحيوانات وقدر لها المعيشة في الدنيا وميزها عن الإنسان بصفات تتميز بها كالطيران ،والسباحة ،والافتراس وغير ذلك من الصفات؛ولكن الله ميز الإنسان بميزة العقل الذي يفكر به عن سائر المخلوقات ، والعنكبوت من هذه المخلوقات الذي يبني بيت يعتبر من أوهن وأضعف البيوت على وجه الأرض ،وهو تأوي إليه وهو لا يحميها من برد أو حر ؛لذلك شبه الله الذين كفروا ببيتها في قوله {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41
لذلك كتبت هذا التقرير مبينا أقوال المفسرين وأهل الإعجاز وهو على النحو التالي:
1.المبحث الأول: أقوال المفسرين في آية العنكبوت.
2.المبحث الثاني:العنكبوت ومدلولاتها العلمية
المطلب الأول:حقيقة العنكبوت
المطلب الثاني: المدلولات العلمية لبيت العنكبوت
3.الخاتمة
المبحث الأول: أقوال المفسرين في آية العنكبوت:
قال تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41
جاء في تفسير هذه الآية في كتاب هميان الزاد : ما اتخذه الكفار من الأصنام(كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً)أي في الوهن والضعف ،فضعف الأصنام عند المؤمن كضعف البيت التي بنته العنكبوت من نسيجها،أو عبادة المشركين بالنسبة للمسلمين ؛لأن بيت العنكبوت لا يدفع عنه شدة الحر،وقسوة البرد،وكذلك عبادة الأصنام لا تجلب للذين يعبدونها النفع ولا الضر بل ذلك أضعف من بيت العنكبوت ،فإن العنكبوت حقيقة وامتناعا من ضر وجلب نفع بيته بخلاف هؤلاء.
(وَإِنَّ أَوْهَنَ):أضعف.
(الْبُيُوتِ):جمع مفردة بيت.
(لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ):بسبب عدم قدرته على دفع الأخطار المحيطة به من الحر والبرد والرياح وبهذا يتقطع بسرعة .
(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ):لو شرطيه محذوف الجواب أي لو كان يعودون إلى علم لعلموا أن هذا مثلهم أو أن دينهم أضعف من ذلك ،أو إخراج الكلام بعد التشبيه مخرج المجاز فكأنه قيل عبادة الأوثان أضعف ما يعتمد عليه في الدين، وجملة اتخذت من العنكبوت بناء على زيادة مثل لئلا يكون الحال من المضاف إليه شرطه ،أو نعت للعنكبوت وأل فيه للجنس ،ويتعين هذا إذا جعلت مثل بمعنى صفة فلا تكون زائدة ويجوز زيادة الكاف وجعل معنى مثل بمعنى مشابه.
وجاء في تفسير الكشاف: معناه لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن . ووجه آخر : وهو أنه إذا صحّ تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت ، وقد صح أن أوهن البيوت بيت العنكبوت ، فقد تبين أن دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعملون . أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز ، فكأنه قال : وإن أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون . ولقائل أن يقول : مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله ، مثل عنكبوت يتخذ بيتاً ، بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحته من صخر ، وكما أن أوهن البيوت إذا استقريتها بيتاً بيتاً بيت العنكبوت ، كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها ديناً ديناً عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون . قرىء : «تدعون» بالتاء والياء . وهذا توكيد للمثل وزيادة عليه ، حيث لم يجعل ما يدعونه شيئاً { وَهُوَ العزيز الحكيم } فيه تجهيل لهم حيث عبدوا ما ليس بشيء؛ لأنه جماد ليس معه مصحح العلم والقدرة أصلاً ، وتركوا عبادة القادر القاهر على كل شيء ، الحكيم الذي لا يفعل شيئاً إلا بحكمة وتدبير .
جاء في تفسير هذه الآية في كتاب في ظلال القران:
(إنه تصوير عجيب صادق لحقيقة القوى في هذا الوجود الحقيقة التي يغفل عنها الناس أحيانا فيسوء تقديرهم لجميع القيم ويفسد تصورهم لجميع الارتباطات وتختل في أيديهم جميع الموازين ولا يعرفون إلى أين يتجهون وماذا يأخذون وماذا يدعون ؟وعندئذ تخدعهم قوة الحكم والسلطان ويحسبونها القوة القادرة التي تعمل في هذه الأرض فيتجهون إليها بمخاوفهم ورغائبهم ويخشونها ويفزعون منها ويرتضونها ليكفوا عن أنفسهم أذاها أو ليضمنوا لأنفسهم حماها
وتخدعهم قوة المال ويحسبونها القوة المسيطرة على أقدار الإنسان وأقدار الحياة ويتقدمون إليها في رغب ورهب ويسعون للحصول عليها ليستطيلوا على الرقاب كما يحسبون
وتخدعهم قوة العلم ويحسبونها أصل القوة وأصل المال وأصل سائر القوى التي يصول من يملكها ويجول ويتقدمون إليها خاشعين كأنهم عباد في المحاريب
وتخدعهم هذه القوى الظاهرة تخدعهم في أيادي الأفراد وفي أيادي الجماعات وفي أيادي الدول فيدورون حولها ويتهافتون عليها كما يدور الفراش على المصباح وكما يتهافت الفراش على النار
وينسون القوى الوحيدة التي تخلق سائر القوى الصغيرة وتملكها وتمنحها وتوجهها وتسخرها كما تريد حيثما تريد
وينسون أن الالتجاء إلى تلك القوى سواء كانت في أيدي الأفراد أو الجماعات أو الدول كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت حشرة ضعيفة رخوة واهنة لا حماية لها من تكوينها الرخو ولا وقاية لها من بيتها الواهن
وليس هناك إلا حماية الله وإلا حماه وإلا ركنه الركين
هذه الحقيقة الضخمة هي التي عني القرآن بتقريرها في نفوس الفئة لمؤمنة فكانت بها أقوى من جميع القوى التي وقفت في طريقها وداست بها كبرياء الجبابرة في الأرض ودكت بها المعاقل والحصون
لقد استقرت هذه الحقيقة الضخمة في كل النفس وعمرت كل قلب واختلطت بالدم وجرت معه في العروق ولم تعد كلمة تقال باللسان ولا قضية تحتاج إلى جدل بل بديهيه مستقرة في النفس لا يجول غيرها في حس ولا خيال
قوة الله وحدها هي القوة وولاية الله وحدها هي الولاية وما عادها فهو واهن ضئيل هزيل مهما علا واستطال ومهما تكبر وتغنى ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل
إنها العنكبوت وما تملك من قوى ليست سوى خيوط العنكبوت : " وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "
وإن أصحاب الدعوات الذين يتعرضون للفتنه والأذى وللأغراء والإغواء لجديرون أن يقفوا أما الحقيقة الضخمة ولا ينسونها لحظة وهم يواجهون القوى المختلفة هذه تضر بهم وتحاول أن تسحقهم وهذه تستهويهم وتحاول أن تشتريهم وكلها خيوط العنكبوت في حساب الله وفي حساب العقيدة حين تصبح العقيدة وحين تعرف حقيقة القوى وتحسن التقويم والتقدير)
وجاء في تفسير التحرير والتنوير:
بينت حال الأمم التي اتخذت عبادة الأصنام من دون الله وأنها لم تغنى وتدافع عنهم لما حل به عذاب الله ،وهذا حال مشركو قريش الذين اتخذوا الأصنام دافعا عنهم وهي أضعف من أن تدافع عن نفسه،وهذا حال العنكبوت التي تتخذ بيت ظناً منها على أنه يحميها فإذا هو يتمزق في أضعف تحريك ،والمقصود بهذا الكلام مشركو قريش،فضمير(اتَّخَذَتْ)
عائد إلى معلوم من سياق الكلام وهم مشركو قريش،وجملة(اتَّخَذَتْ بَيْتاً)حال من(الْعَنكَبُوتِ)وهي قيد في التشبيه،فالمشركون أشبهوا العنكبوت في الغرور بما أعدوه،وأولياؤهم أشبهوا بيت العنكبوت في عدم الاستغناء عمن اتخذوها وقت الحاجة إليها وتزول بأقل تحريك فانتفاعهم نفع ضعيف ،وهو السكن فيها وتوهم أن تدفع عنهم كما ينتفع المشركون بأوهامهم في أصنامهم .
و(الْعَنكَبُوتِ):صنف من الحشرات ذات بطون وأرجل وهي ثلاث منها صنف يسمى ليث العناكب وهو الذي يفترس الذباب، وكلها تتخذ لأنفسها نسيجا تنسجه من لعابها يكون خيوطا مشدودة بين طرفين من الشجر أو الجدران، وتتخذ في وسط تلك الخيوط جانبا أغلظ وأكثر اتصال خيوط تحتجب فيه وتفرخ فيه. وسمي بيتا لشبهه بالخيمة في أنه منسوج ومشدود من أطرافه فهو كبيت الشعر.وجملة ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ)معترضة مبينة وجه الشبه وهذه الجملة تضرب به المثل لقلة جدوى شيء،والديانات التي تعبد من دون الله تعتبر حقيرة وأبعدها نحو الخير والرشد،كما أنها متفاوتة فيما يعرض لتلك العبادات من الضلالات كما تتفاوت بيوت العبادات في غلظها بحسب تفاوت الدويبات التي تنسجها في القوة والضعف. وجملة (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)متصلة بجملة (كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ)وليس بجملة( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ)فتقدير جواب (لو)هكذا:لو كانوا يعلمون أن ذلك مثلهم،أي ولكنهم لا يعلمون انعدام غناء ما تخذوه عنهم.وأما أوهنية بيت العنكبوت فلا يجهلها أحد.
التحليل الشخصي:
يشبه الله الذين يتخذوا الأصنام من دونه وهم الكفار من الأمم السابقة ومن مشركي قريش ببيت العنكبوت هذا البيت الوهين والضعيف الذي لا يقيها برد الشتاء وحر الصيف ،لضعف نسيجها وصنعها لبيتها،وهذا الخطاب موجه لمشركي قريش من الالتجاء إلى هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع.
لو أنهم يفقهون ويعلمون هذه الحقيقة التي بينها الله لهم لمن كان له قلب يفقه به،وعقل يفكر به،ولكن هيهات هيهات فهؤلاء كالأنعام بل أضل من ذلك كما وصفهم رب العزة
المبحث الثاني:العنكبوت ومدلولاتها العلمية:
المطلب الأول:حقيقة العنكبوت:
تتميز العنكبوت بانقسام جسمها إلى قسمين وهما:
قسم يشمل الرأس والصدر المجموعين بطريقة خاصة،والقسم الأخر يشمل البطن الذي يربطه الصدر الراسي .تسير العنكبوت بأربعة أزواج من القوائم،وأعين بسيطة غير مركبة،وتتكون العنكبوت من زوائد تحتوي على شعر طويل يقوم بوظائف حسية وليست لها قرون استشعاريه،كما تحتوي أجزاء فمها على زوائد رأسية أو مخالب تقع وراءها مجسات تشبه القوائم ،وتقوم بوظائف حسية وغذائية،وهذه المجسات تعدلت عند الذكور لنقل المني،وتصب الأعضاء الأبرا زيه في المعي الخلفي.
المطلب الثاني: المدلولات العلمية لبيت العنكبوت:
1.من الدلالات العلمية للنص القرآني:
جاءت تسمية السورة بصيغة الإفراد(العنكبوت)وهي دلالة على اسم أنثى المنفردة ببناء بيت العنكبوت وفي الحياة إلا في لحظات التزاوج ،وأوقات فقس البيض.أما سورتي النحل والنمل جاءت بصيغة الجمع وهذا يدل على أن النمل والنحل تعيش حياة جماعية بخلاف العنكبوت.
2.في قوله تعالى اتَّخَذَتْ بَيْتاً):
في هذه الآية إعجاز قرأني فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن من يقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت ؛لأن إناث العناكب تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية التي تفرزها العنكبوت لبناء بيتها الضعيف ،وقد يساعدها الذكر في بناء البيت بالتشييد أو الترميم أو التوسعة ،ولكن تبقى العملية الأساسية في البناء هي من مهمة الأنثى.
3.في قوله تعالى (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ):
1. في هذه الآية يبين الله أن أضعف البيوت هو بيت العنكبوت وهذا ما بينه الإعجاز العلمي ذلك بأنه مكون من مجموعة خيوط حريرية تشتبك مع بعضها البعض تاركة بينها بعض المسافات غالبا،ولهذا فإن بيت العنكبوت لا يحجب عنها حرارة أشعة الشمس،ولا قوة الرياح حتى البسيطة ولا برد الشتاء ،ولا هطول الأمطار ولا يوفر ظلا كافيا لها ،ومن الإعجاز في هذه الآية أن الله ذكر أوهن البيوت ولم يذكر أوهن الخيوط،وذلك أن الخيوط الحريرية للعنكبوت مع دقتها الشديدة إلا أنه يعد من أقوى المواد الموجودة على سطح الأرض لأنه يتحمل شد يصل إلى 42000كيلوا جرام على السنتيمتر المربع مما يكسبه قابلية للمط وأيضا الإيقاع بالحشرات دون أن يتمزق.
2.يعتبر بيت العنكبوت أوهن البيوت من الناحية المادية والمعنوية ،فمن الناحية المادية كما ذكرت سابقا.أما من الناحية المعنوية فهو يفتقر إلى العامل الأساسي الذي تقوم علية الأسرة ألا وهو المودة والرحمة ،وذلك أن بعض أنواع العنكبوت تقوم الأنثى بقتل وافتراس جسد الزوج بعد إتمام عملية الإخصاب ،لأن حجمها أكبر منه وأشد شراسة منه،وفي بعض الحالات تقوم الأنثى بالتهام صغارها بدون رحمة،وفي بعض الحالات تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها،فتخرج الصغار من الأنثى في كيس البيض ويجدون أنفسهم في ازدحام شديد فيبدأ الأخوة بالاقتتال فيقتل الأخ أخوه و أختها من أجل الطعام أو المكان أو من أجلهما معا حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العنكبيات التي تنسلخ من جلدها،وتمزق كيس البيض لتخرج بذكريات تعيسة ،لينتشر الجميع إلى البيئة وتبدأ حكاية الأنثى،وبناء البيت من جديد لينجو من ينجو منها نفس المأساة التي تجعل بيت العنكبوت أكثر البيوت وحشية وشراسة التي تنعدم فيه المودة والرحمة بين أفراده.
4.في قوله تعالى(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ):
إن هذه المعلومات والحقائق التي ذكرت أنفا عن بيت العنكبوت ،وما يجري فيه لم يكن لأحد من الخلق بعلم بها في زمن الوحي ،ولا من جاء بعدهم بحيث أن هذه الحقائق اكتشفت في العصر الحديث على يد العلماء الذين كثفوا الدراسة فيها باستخدام أجهزة متطورة لم تكن موجودة سابقة ،وهذا يدل على أن هذا القران جاء من عند الله رب العالمين إذ لا يمكن لعاقل أن يتصور له مصدر لغير الله هذا الوصف الذي أنزل على نبي أمي في أمة كان غالبيتها الساحقة من الأمين من1400سنة
الخاتمة
الحمد الله ،واشكره الذي أعانني على كتابة هذا التقرير على الوجه الذي يحبه ،ويرضاه ،والذي قمت فيه بجمع المعلومات من عدة كتب والذي توصلت فيه إلى النتائج التالية:
1.شبه الله الذين يعبدون آلهة من دونه في ضعف عبوديتهم ببيت العنكبوت .
2.بيت العنكبوت أوهن وأضعف البيوت على وجه الأرض.
3.يعتبر بيت العنكبوت أوهن البيوت من الناحية المادية ،لأنه ضعيف البناء والتركيب ،ومن الناحية المعنوية بسبب انعدام التواد والتراحم بين أفراد الأسرة العائلية.فهو أضعف البيوت من الناحية المادية والمعنوية.
4.حقيقة ضعف بيت العنكبوت كانت لا يعلمها السابقون إلا مع اكتشاف العلم الحديث لهذه الحقائق في العصر الحديث.
هذه بعض النتائج التي حصلت عليها في هذا التقرير وهي تعتبر رؤوس أقلام والباقي في التقرير وقبل الختام هناك بعض التوصيات أسردها لكم:
1. .إخلاص الأعمال جميعها لله وعدم الإشراك به ،ويكون بان يكون كل عمل نعمله خالصا لوجه الكريم ،وليس من اجل غرض دنيوي حيث قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5 وحتى أن الحياة والممات لله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
2. التوكل بالله تعالى ،والتعلق به،وحسن الظن به،الطرق الخيرة المؤدية الي السعادة الدنيوية والأخروية.
3. طلب العلم فريضة على كل مسلم بجميع فنونه وأشكاله وطرقه.
4. الاهتمام بالقران تلاوةً وحفظاً ومدارسةً وتعلماً وتعليماً ،والاهتمام بجميع ما يخص القران ،لأنه كتاب الله العزيز ونوره المبين،وصراطه المستقيم.
وأخيرا: أسال الله أن ينال هذا التقرير المتواضع على إعجاب كل من يطلع عليه ،وأساله تعالى التوفيق وغفران الذنوب في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب الدعاء ،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المراجع
1.كتاب التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور.محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي.مؤسسة التاريخ العربي.بيروت لبنان،1420ه/2000م
2.كتاب من آيات الإعجاز العلمي:الحيوانات في القران الكريم،د.زغلول النجار،دار المعرفة بيروت لبنان،الطبعة الرابعة 1431ه
3.كتاب بهجة المعارف موسوعة علميه مصورة،د.خليل الحر،الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان
4.كتاب الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل،أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي
دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء / 4تحقيق : عبد الرزاق المهدي
5. كتاب هميان الزادإلى دار المعاد،محمد بن يوسف الوهبي الأباضي المصعبي، وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة عمان ،الجزء12،الطبعة1411ه-1991م
6.كتاب في ظلال القران،سيد قطب ،المجلد الخامس،دار العلم للطباعة والنشر جدة،الطبعة12-1406ه-1986م
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله خالق العنكبوت وجاعله آية من آيات إعجازه،والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أما بعد:
فلقد خلق الله الحيوانات وقدر لها المعيشة في الدنيا وميزها عن الإنسان بصفات تتميز بها كالطيران ،والسباحة ،والافتراس وغير ذلك من الصفات؛ولكن الله ميز الإنسان بميزة العقل الذي يفكر به عن سائر المخلوقات ، والعنكبوت من هذه المخلوقات الذي يبني بيت يعتبر من أوهن وأضعف البيوت على وجه الأرض ،وهو تأوي إليه وهو لا يحميها من برد أو حر ؛لذلك شبه الله الذين كفروا ببيتها في قوله {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41
لذلك كتبت هذا التقرير مبينا أقوال المفسرين وأهل الإعجاز وهو على النحو التالي:
1.المبحث الأول: أقوال المفسرين في آية العنكبوت.
2.المبحث الثاني:العنكبوت ومدلولاتها العلمية
المطلب الأول:حقيقة العنكبوت
المطلب الثاني: المدلولات العلمية لبيت العنكبوت
3.الخاتمة
المبحث الأول: أقوال المفسرين في آية العنكبوت:
قال تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41
جاء في تفسير هذه الآية في كتاب هميان الزاد : ما اتخذه الكفار من الأصنام(كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً)أي في الوهن والضعف ،فضعف الأصنام عند المؤمن كضعف البيت التي بنته العنكبوت من نسيجها،أو عبادة المشركين بالنسبة للمسلمين ؛لأن بيت العنكبوت لا يدفع عنه شدة الحر،وقسوة البرد،وكذلك عبادة الأصنام لا تجلب للذين يعبدونها النفع ولا الضر بل ذلك أضعف من بيت العنكبوت ،فإن العنكبوت حقيقة وامتناعا من ضر وجلب نفع بيته بخلاف هؤلاء.
(وَإِنَّ أَوْهَنَ):أضعف.
(الْبُيُوتِ):جمع مفردة بيت.
(لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ):بسبب عدم قدرته على دفع الأخطار المحيطة به من الحر والبرد والرياح وبهذا يتقطع بسرعة .
(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ):لو شرطيه محذوف الجواب أي لو كان يعودون إلى علم لعلموا أن هذا مثلهم أو أن دينهم أضعف من ذلك ،أو إخراج الكلام بعد التشبيه مخرج المجاز فكأنه قيل عبادة الأوثان أضعف ما يعتمد عليه في الدين، وجملة اتخذت من العنكبوت بناء على زيادة مثل لئلا يكون الحال من المضاف إليه شرطه ،أو نعت للعنكبوت وأل فيه للجنس ،ويتعين هذا إذا جعلت مثل بمعنى صفة فلا تكون زائدة ويجوز زيادة الكاف وجعل معنى مثل بمعنى مشابه.
وجاء في تفسير الكشاف: معناه لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن . ووجه آخر : وهو أنه إذا صحّ تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت ، وقد صح أن أوهن البيوت بيت العنكبوت ، فقد تبين أن دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعملون . أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز ، فكأنه قال : وإن أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون . ولقائل أن يقول : مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله ، مثل عنكبوت يتخذ بيتاً ، بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحته من صخر ، وكما أن أوهن البيوت إذا استقريتها بيتاً بيتاً بيت العنكبوت ، كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها ديناً ديناً عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون . قرىء : «تدعون» بالتاء والياء . وهذا توكيد للمثل وزيادة عليه ، حيث لم يجعل ما يدعونه شيئاً { وَهُوَ العزيز الحكيم } فيه تجهيل لهم حيث عبدوا ما ليس بشيء؛ لأنه جماد ليس معه مصحح العلم والقدرة أصلاً ، وتركوا عبادة القادر القاهر على كل شيء ، الحكيم الذي لا يفعل شيئاً إلا بحكمة وتدبير .
جاء في تفسير هذه الآية في كتاب في ظلال القران:
(إنه تصوير عجيب صادق لحقيقة القوى في هذا الوجود الحقيقة التي يغفل عنها الناس أحيانا فيسوء تقديرهم لجميع القيم ويفسد تصورهم لجميع الارتباطات وتختل في أيديهم جميع الموازين ولا يعرفون إلى أين يتجهون وماذا يأخذون وماذا يدعون ؟وعندئذ تخدعهم قوة الحكم والسلطان ويحسبونها القوة القادرة التي تعمل في هذه الأرض فيتجهون إليها بمخاوفهم ورغائبهم ويخشونها ويفزعون منها ويرتضونها ليكفوا عن أنفسهم أذاها أو ليضمنوا لأنفسهم حماها
وتخدعهم قوة المال ويحسبونها القوة المسيطرة على أقدار الإنسان وأقدار الحياة ويتقدمون إليها في رغب ورهب ويسعون للحصول عليها ليستطيلوا على الرقاب كما يحسبون
وتخدعهم قوة العلم ويحسبونها أصل القوة وأصل المال وأصل سائر القوى التي يصول من يملكها ويجول ويتقدمون إليها خاشعين كأنهم عباد في المحاريب
وتخدعهم هذه القوى الظاهرة تخدعهم في أيادي الأفراد وفي أيادي الجماعات وفي أيادي الدول فيدورون حولها ويتهافتون عليها كما يدور الفراش على المصباح وكما يتهافت الفراش على النار
وينسون القوى الوحيدة التي تخلق سائر القوى الصغيرة وتملكها وتمنحها وتوجهها وتسخرها كما تريد حيثما تريد
وينسون أن الالتجاء إلى تلك القوى سواء كانت في أيدي الأفراد أو الجماعات أو الدول كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت حشرة ضعيفة رخوة واهنة لا حماية لها من تكوينها الرخو ولا وقاية لها من بيتها الواهن
وليس هناك إلا حماية الله وإلا حماه وإلا ركنه الركين
هذه الحقيقة الضخمة هي التي عني القرآن بتقريرها في نفوس الفئة لمؤمنة فكانت بها أقوى من جميع القوى التي وقفت في طريقها وداست بها كبرياء الجبابرة في الأرض ودكت بها المعاقل والحصون
لقد استقرت هذه الحقيقة الضخمة في كل النفس وعمرت كل قلب واختلطت بالدم وجرت معه في العروق ولم تعد كلمة تقال باللسان ولا قضية تحتاج إلى جدل بل بديهيه مستقرة في النفس لا يجول غيرها في حس ولا خيال
قوة الله وحدها هي القوة وولاية الله وحدها هي الولاية وما عادها فهو واهن ضئيل هزيل مهما علا واستطال ومهما تكبر وتغنى ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل
إنها العنكبوت وما تملك من قوى ليست سوى خيوط العنكبوت : " وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "
وإن أصحاب الدعوات الذين يتعرضون للفتنه والأذى وللأغراء والإغواء لجديرون أن يقفوا أما الحقيقة الضخمة ولا ينسونها لحظة وهم يواجهون القوى المختلفة هذه تضر بهم وتحاول أن تسحقهم وهذه تستهويهم وتحاول أن تشتريهم وكلها خيوط العنكبوت في حساب الله وفي حساب العقيدة حين تصبح العقيدة وحين تعرف حقيقة القوى وتحسن التقويم والتقدير)
وجاء في تفسير التحرير والتنوير:
بينت حال الأمم التي اتخذت عبادة الأصنام من دون الله وأنها لم تغنى وتدافع عنهم لما حل به عذاب الله ،وهذا حال مشركو قريش الذين اتخذوا الأصنام دافعا عنهم وهي أضعف من أن تدافع عن نفسه،وهذا حال العنكبوت التي تتخذ بيت ظناً منها على أنه يحميها فإذا هو يتمزق في أضعف تحريك ،والمقصود بهذا الكلام مشركو قريش،فضمير(اتَّخَذَتْ)
عائد إلى معلوم من سياق الكلام وهم مشركو قريش،وجملة(اتَّخَذَتْ بَيْتاً)حال من(الْعَنكَبُوتِ)وهي قيد في التشبيه،فالمشركون أشبهوا العنكبوت في الغرور بما أعدوه،وأولياؤهم أشبهوا بيت العنكبوت في عدم الاستغناء عمن اتخذوها وقت الحاجة إليها وتزول بأقل تحريك فانتفاعهم نفع ضعيف ،وهو السكن فيها وتوهم أن تدفع عنهم كما ينتفع المشركون بأوهامهم في أصنامهم .
و(الْعَنكَبُوتِ):صنف من الحشرات ذات بطون وأرجل وهي ثلاث منها صنف يسمى ليث العناكب وهو الذي يفترس الذباب، وكلها تتخذ لأنفسها نسيجا تنسجه من لعابها يكون خيوطا مشدودة بين طرفين من الشجر أو الجدران، وتتخذ في وسط تلك الخيوط جانبا أغلظ وأكثر اتصال خيوط تحتجب فيه وتفرخ فيه. وسمي بيتا لشبهه بالخيمة في أنه منسوج ومشدود من أطرافه فهو كبيت الشعر.وجملة ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ)معترضة مبينة وجه الشبه وهذه الجملة تضرب به المثل لقلة جدوى شيء،والديانات التي تعبد من دون الله تعتبر حقيرة وأبعدها نحو الخير والرشد،كما أنها متفاوتة فيما يعرض لتلك العبادات من الضلالات كما تتفاوت بيوت العبادات في غلظها بحسب تفاوت الدويبات التي تنسجها في القوة والضعف. وجملة (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)متصلة بجملة (كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ)وليس بجملة( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ)فتقدير جواب (لو)هكذا:لو كانوا يعلمون أن ذلك مثلهم،أي ولكنهم لا يعلمون انعدام غناء ما تخذوه عنهم.وأما أوهنية بيت العنكبوت فلا يجهلها أحد.
التحليل الشخصي:
يشبه الله الذين يتخذوا الأصنام من دونه وهم الكفار من الأمم السابقة ومن مشركي قريش ببيت العنكبوت هذا البيت الوهين والضعيف الذي لا يقيها برد الشتاء وحر الصيف ،لضعف نسيجها وصنعها لبيتها،وهذا الخطاب موجه لمشركي قريش من الالتجاء إلى هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع.
لو أنهم يفقهون ويعلمون هذه الحقيقة التي بينها الله لهم لمن كان له قلب يفقه به،وعقل يفكر به،ولكن هيهات هيهات فهؤلاء كالأنعام بل أضل من ذلك كما وصفهم رب العزة
المبحث الثاني:العنكبوت ومدلولاتها العلمية:
المطلب الأول:حقيقة العنكبوت:
تتميز العنكبوت بانقسام جسمها إلى قسمين وهما:
قسم يشمل الرأس والصدر المجموعين بطريقة خاصة،والقسم الأخر يشمل البطن الذي يربطه الصدر الراسي .تسير العنكبوت بأربعة أزواج من القوائم،وأعين بسيطة غير مركبة،وتتكون العنكبوت من زوائد تحتوي على شعر طويل يقوم بوظائف حسية وليست لها قرون استشعاريه،كما تحتوي أجزاء فمها على زوائد رأسية أو مخالب تقع وراءها مجسات تشبه القوائم ،وتقوم بوظائف حسية وغذائية،وهذه المجسات تعدلت عند الذكور لنقل المني،وتصب الأعضاء الأبرا زيه في المعي الخلفي.
المطلب الثاني: المدلولات العلمية لبيت العنكبوت:
1.من الدلالات العلمية للنص القرآني:
جاءت تسمية السورة بصيغة الإفراد(العنكبوت)وهي دلالة على اسم أنثى المنفردة ببناء بيت العنكبوت وفي الحياة إلا في لحظات التزاوج ،وأوقات فقس البيض.أما سورتي النحل والنمل جاءت بصيغة الجمع وهذا يدل على أن النمل والنحل تعيش حياة جماعية بخلاف العنكبوت.
2.في قوله تعالى اتَّخَذَتْ بَيْتاً):
في هذه الآية إعجاز قرأني فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن من يقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت ؛لأن إناث العناكب تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية التي تفرزها العنكبوت لبناء بيتها الضعيف ،وقد يساعدها الذكر في بناء البيت بالتشييد أو الترميم أو التوسعة ،ولكن تبقى العملية الأساسية في البناء هي من مهمة الأنثى.
3.في قوله تعالى (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ):
1. في هذه الآية يبين الله أن أضعف البيوت هو بيت العنكبوت وهذا ما بينه الإعجاز العلمي ذلك بأنه مكون من مجموعة خيوط حريرية تشتبك مع بعضها البعض تاركة بينها بعض المسافات غالبا،ولهذا فإن بيت العنكبوت لا يحجب عنها حرارة أشعة الشمس،ولا قوة الرياح حتى البسيطة ولا برد الشتاء ،ولا هطول الأمطار ولا يوفر ظلا كافيا لها ،ومن الإعجاز في هذه الآية أن الله ذكر أوهن البيوت ولم يذكر أوهن الخيوط،وذلك أن الخيوط الحريرية للعنكبوت مع دقتها الشديدة إلا أنه يعد من أقوى المواد الموجودة على سطح الأرض لأنه يتحمل شد يصل إلى 42000كيلوا جرام على السنتيمتر المربع مما يكسبه قابلية للمط وأيضا الإيقاع بالحشرات دون أن يتمزق.
2.يعتبر بيت العنكبوت أوهن البيوت من الناحية المادية والمعنوية ،فمن الناحية المادية كما ذكرت سابقا.أما من الناحية المعنوية فهو يفتقر إلى العامل الأساسي الذي تقوم علية الأسرة ألا وهو المودة والرحمة ،وذلك أن بعض أنواع العنكبوت تقوم الأنثى بقتل وافتراس جسد الزوج بعد إتمام عملية الإخصاب ،لأن حجمها أكبر منه وأشد شراسة منه،وفي بعض الحالات تقوم الأنثى بالتهام صغارها بدون رحمة،وفي بعض الحالات تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها،فتخرج الصغار من الأنثى في كيس البيض ويجدون أنفسهم في ازدحام شديد فيبدأ الأخوة بالاقتتال فيقتل الأخ أخوه و أختها من أجل الطعام أو المكان أو من أجلهما معا حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العنكبيات التي تنسلخ من جلدها،وتمزق كيس البيض لتخرج بذكريات تعيسة ،لينتشر الجميع إلى البيئة وتبدأ حكاية الأنثى،وبناء البيت من جديد لينجو من ينجو منها نفس المأساة التي تجعل بيت العنكبوت أكثر البيوت وحشية وشراسة التي تنعدم فيه المودة والرحمة بين أفراده.
4.في قوله تعالى(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ):
إن هذه المعلومات والحقائق التي ذكرت أنفا عن بيت العنكبوت ،وما يجري فيه لم يكن لأحد من الخلق بعلم بها في زمن الوحي ،ولا من جاء بعدهم بحيث أن هذه الحقائق اكتشفت في العصر الحديث على يد العلماء الذين كثفوا الدراسة فيها باستخدام أجهزة متطورة لم تكن موجودة سابقة ،وهذا يدل على أن هذا القران جاء من عند الله رب العالمين إذ لا يمكن لعاقل أن يتصور له مصدر لغير الله هذا الوصف الذي أنزل على نبي أمي في أمة كان غالبيتها الساحقة من الأمين من1400سنة
الخاتمة
الحمد الله ،واشكره الذي أعانني على كتابة هذا التقرير على الوجه الذي يحبه ،ويرضاه ،والذي قمت فيه بجمع المعلومات من عدة كتب والذي توصلت فيه إلى النتائج التالية:
1.شبه الله الذين يعبدون آلهة من دونه في ضعف عبوديتهم ببيت العنكبوت .
2.بيت العنكبوت أوهن وأضعف البيوت على وجه الأرض.
3.يعتبر بيت العنكبوت أوهن البيوت من الناحية المادية ،لأنه ضعيف البناء والتركيب ،ومن الناحية المعنوية بسبب انعدام التواد والتراحم بين أفراد الأسرة العائلية.فهو أضعف البيوت من الناحية المادية والمعنوية.
4.حقيقة ضعف بيت العنكبوت كانت لا يعلمها السابقون إلا مع اكتشاف العلم الحديث لهذه الحقائق في العصر الحديث.
هذه بعض النتائج التي حصلت عليها في هذا التقرير وهي تعتبر رؤوس أقلام والباقي في التقرير وقبل الختام هناك بعض التوصيات أسردها لكم:
1. .إخلاص الأعمال جميعها لله وعدم الإشراك به ،ويكون بان يكون كل عمل نعمله خالصا لوجه الكريم ،وليس من اجل غرض دنيوي حيث قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5 وحتى أن الحياة والممات لله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
2. التوكل بالله تعالى ،والتعلق به،وحسن الظن به،الطرق الخيرة المؤدية الي السعادة الدنيوية والأخروية.
3. طلب العلم فريضة على كل مسلم بجميع فنونه وأشكاله وطرقه.
4. الاهتمام بالقران تلاوةً وحفظاً ومدارسةً وتعلماً وتعليماً ،والاهتمام بجميع ما يخص القران ،لأنه كتاب الله العزيز ونوره المبين،وصراطه المستقيم.
وأخيرا: أسال الله أن ينال هذا التقرير المتواضع على إعجاب كل من يطلع عليه ،وأساله تعالى التوفيق وغفران الذنوب في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب الدعاء ،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المراجع
1.كتاب التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور.محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي.مؤسسة التاريخ العربي.بيروت لبنان،1420ه/2000م
2.كتاب من آيات الإعجاز العلمي:الحيوانات في القران الكريم،د.زغلول النجار،دار المعرفة بيروت لبنان،الطبعة الرابعة 1431ه
3.كتاب بهجة المعارف موسوعة علميه مصورة،د.خليل الحر،الشركة العامة للنشر والتوزيع والإعلان
4.كتاب الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل،أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي
دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء / 4تحقيق : عبد الرزاق المهدي
5. كتاب هميان الزادإلى دار المعاد،محمد بن يوسف الوهبي الأباضي المصعبي، وزارة التراث القومي والثقافة ،سلطنة عمان ،الجزء12،الطبعة1411ه-1991م
6.كتاب في ظلال القران،سيد قطب ،المجلد الخامس،دار العلم للطباعة والنشر جدة،الطبعة12-1406ه-1986م